السيّدات و السادة :

-إطارات وموظفي وزارة الداخلية والجماعات المحلية،

-المنتخبون المحليّون،

 

إني إذ أستلمُ مهامي كوزيرٍ للداخلية والجماعات المحلية، لا يسعني إلاّ أن أعبّر بدايةً عن تقديري وعرفاني الكبيرين لفخامة السيد رئيس الجمهورية على الثقة التي وضعها في شخصي، وهي ثقة موصولة أيضا لكم جميعا إطارات وموظفين ومنتخبين.

وأود أن ألتفت بمناسبة هذه السانحة نحو شهداء الواجب الوطني فأنحني أمام أرواحهم، إنهم موظفون شجعان قدموا التضحيات الجسام لمواجهة الظلامية والتطرف بكل بسالة، رافعين لواء استمرارية الدولة.

 

إنه لا يفوتكم أن بلادنا تواجه حاليا تحديات كبرى ومتصاعدة، فاستتباب الأمن فيها في ضل الوضع المتحول الذي تعرفه المنطقة أصبح يؤجج تهديدات قوى خفية ذات نوايا مبيتة.

 

وبالتالي يتعين على كل واحد أن يحافظ على مكتسبات مسعى المصالحة الوطنية الذي خاضه فخامة السيد رئيس الجمهورية، وتوخي أكبر درجات الحيطة والحذر حتى نفوت على كل من سولت له نفسه فرصة المساس باستقرار ووحدة البلاد.

 

من جهة أخرى،أود أن أتوجه بالتحية للجهود الجبارة التي أنتم عاكفون على القيام بها والتضحيات التي قدمتموها خلال كل المراحل التي مرت بها البلاد والتي كان لكم من خلالها الدور الفاعل في المشاركة في إنجاح البرامج والمخططات الوطنية للتنمية.

 

إن النتائج والمنجزات المحققة، لم تكن لتتجسد في الواقع سوى بفضل التزامكم وتفانيكم وإخلاصكم في العمل الذي اقترن بسياسات حكيمة ورصينة ذات بعد استرتيجي هام بادر بها فخامة السيد رئيس الجمهورية، والتي من دونها ما كان يمكن أن تتحقق. ولعل في طليعتها المخططات الخماسية المتعاقبة للتنمية التي كان فخامته المبادر بها، وكنتم أنتم في طليعة المشاركين في تجسيدها.

 

إن جهودكم تتواصل اليوم بنفس العزيمة، والمثابرة والثبات من أجل تنفيذ مخطط عمل الحكومة، والذي ما هو إلا سليل برنامج فخامة السيد رئيس الجمهورية وترجمته في أرض الواقع، ولا يمكنني في هذا المقام إلا أن أعرب لكم جميعاً عن امتناني وعرفاني.

 

إن عملية تدعيم وترسيخ مصداقية الدولة عرفت نقلة نوعية بفضل ورشات الإصلاح التي تم مباشرة تنفيذها والتي جعلت من المواطن والمرفق العمومي في قلب انشغالات السلطات العمومية، حيث شجعت المجتمع المدني على لعب دور أكبر فعالية والمواطن على انخراط أكبر في مجال تسيير الشأن العام.

 

لا يزال أمامنا الكثير في هذا المجال، إلا أنه سيكفينا أن نجعل من آليات التواصل، والحوار والتشجيع والتأطير أكثر تميزا، ومن المشاركة مع الغير أكثر جاذبية وفاعلية.

 

إن هذه المقاربة ستتدعم أكثر بفضل العملية الجاري تنفيذها من أجل عصرنة ملموسة وفاعلة للمرافق العمومية والتي تضطلعون بمهمة نبيلة بتجسيدكم لها واستكمال تنفيذها.

 

إن اعتماد تعميم المعلوماتية في نظم الإعلام وتسيير قواعد البيانات، وفي تقديم خدمات آلية للمرفق العمومي الإداري، لم يعد الآن خيارا بل باتت حاجة حيوية ملحة لا يمكن الاستغناء عنها من أجل حكامة جيدة في قطاعنا.

 

إن التصرفات البيروقراطية، الرشوة والمحسوبية أصبحت آفات متجذرة تنخر تنظيمنا الإداري وتهدد أسسه ومبادئه، وبالتالي فلا محيد عن الاستماتة في محاربة هذه الظواهر حتى القضاء عليها، وذلك بتجسيد عمليات العصرنة التي يتم تنفيذها وتدعيم السياسة المبادرة التي دأبت الوزارة على تنفيذها والتي ترمي إلى تخفيف الإجراءات الإدارية وضمان تناسقها.

 

إن المقاصد السامية لروح المسؤولية ونبل مهامنا القاضية بخدمة الغير، تشكل في مجملها رسالة المرفق العام التي يتعين على كل واحد تبنيها والتحلي بها في ممارسته لمهامه حتى تتدعم علاقة المواطن بإدارته. 

 

إن تدعيم هذه العلاقة يقتضي لا محالة انسجاما بين الممثلين المعينين للدولة والمنتخبين، وهو شرط لابد منه في أي عمل كان.

 

بالفعل، إن الصالح العام هو نقطة الربط التي يجب أن تجمع البعض بالعض الآخر، وهو ما يجب التواصل بشأنه برصانة مستفيدين في ذلك من كل المتاحات والفرص من أجل خدمة المواطن والاستجابة لانشغالاته بالسرعة والفعالية المرجوتين وفي ضل الاحترام الصارم للقوانين والتنظيمات المعمول بها.

 

إن حجم حاجيات المواطن والمجتمع المدني المتصاعد وتنوعها، ماهو إلا ترجمة لتطلعات مشروعة تعكس درجة التطور الذي يعرفه مجتمعنا ونضجه.

 

في هذا الإطار، إن الجميع مدعو في مرافقنا العمومية لرفع التحدي ومواجهة التحولات الحاصلة بفعالية واحتوائها، ففي مثل هذه الظروف يتعين على كل أن يبرهن على كفاءاته وقدرته على التأقلم، وإني كلي يقين على أنكم لن تتوانون عن القيام بذلك.

 

في هذا الصدد، سترافق وزارة الداخلية والجماعات المحلية كل المجهودات التي ستبذل، لاسيما من خلال برناج تكويني شامل نحن  عازمون على تنفيذه، والذي من شأنه تطوير الكفاءات وتعزيز قدرات التأطير والتسيير.

 

إن هذا المسعى يشكل محولا أولويا في مخطط عمل الوزارة، وسيشمل كافة المستخدمين الإداريين والمنتخبين المحليين، مما يستدعي التزام الجميع وانخراطهم التام.

 

على صعيد آخر، يجدر التذكير بأن مرفق عمومي ذو نوعية لا يتوقف فقط على سياسة تكوينية محكمة، فتفعيل وتنشيط أجهزة التسيير، الإبداع، وتشجيع روح المبادرة هي كلها نقاط سيكون لها نصيب في مقاربتنا.

 

هناك حاجة ملحة وملموسة لإعادة تكييف النصوص القانونية والتنظيمية مع مقتضيات الواقع، وسيتم النظر في هذا الجانب بالرعاية والاهتمام اللازمين من أجل الشروع في تنفيذ مخطط لإصلاح الجماعات المحلية، بمنحها أطر جديدة للتنظيم والتسيير وتوفير آليات كفيلة بأن تسمح لها بتحقيق الأهداف المسطرة.

 

على الصعيد الاقتصادي، فإن الوزارة ستعمل على مرافقة الجماعات المحلية في تعبئة كل طاقاتها ومواردها المتاحة، تثمينها وتوجيهها من أجل نشاط اقتصادي تنموي هادف وفعال، من شأنه التقليل من الفوارق بين الجماعات المحلية، التشجيع على التضامن المحلي بينها وتحقيق تنمية متوازنة ومتجانسة عبر كل التراب الوطني.

 

ستكون التنمية المحلية بذلك، نتيجة منطقية متمخضة عن تجسيد مبادئ الجمهورية المبنية على المساواة والمشاركة والتضامن.

 

ستستفيد بطبيعة الحال المناطق الحدودية، المناطق الجبلية والمغلقة والولايات الجنوبية باهتمام خاص في هذا المجال، ويأتي إعادة التنظيم الإداري الجديد الذي قرره فخامة السيد رئيس الجمهورية كتجسيد فعلي لهذا الاهتمام، حيث يرسخ خيار التنظيم اللامركزي ويعمقه.

 

إنّي على يقين من التزامكم الدائم، الذي من دونه لن تحقق الأهداف المرسومة، فكل برنامج هو رهين المساهمة الفعلية لكل الأطراف المعنية به، فنجاحه يقاس بمدى انخراطهم ضمن هذا المسعى، كما أن أي تحدّي لا يمكن أن يُرفع دون تفانيكم المستمر.

 

وأنا أطمئنكم بدوري وأؤكّد دعمي اللامحدود لكم في أدائكم لمهامكم، وسأكون دوماً كلي إصغاء لانشغالاتكم.

 

تقبلوا مني أخلص عبارات التقدير والاحترام، لكم جميعاً، أنتم منتسبي الإدارة، والمجالس المحلية المنتخبة على كافة مستوياتها.

 

                                    وزير الداخلية والجماعات المحلية